غسـيل الوظـائـف
- منذ الإنفتاح الذى حدث فى مصر قبل أكثر من اربعين عاماً تقريباً اى بعد حرب 6اكتوير المجيدة ,كان بدأ البحث عن رحلة السفر وجنى الأموال وذلك إما بالسفر الى الخليج حيث الدول العربية الغنية بالبترول فبدأت رحلة السفر الى تلك الدول وكذلك فتح باب الإعارات أمام المدرسين وفئة أخرى رغبت فى السفر الى الغرب ودول أوروبا للعمل وجنى الأموال فمنهم من عاد بعد فترة زمنية حصل فيها على قدر من المال يؤهله ليبدأ به مشروع فى مصر ومنهم من فضل الهجرة والاستقرار والتجنس كل ذلك لا بأس به ,وفئة اخرى سيطرت عليها نفسها الأمارة بالسوء امتلكت مواهب وأدوات الشر فبدأت فى التربح السريع واشتغلت فى تجارة المخدرات وفئة عملت فى التجارة فغشت وخانت الأمانة وروجت لسلع منتهية الصلاحية ومغشوشة وسارعت فى جلب استيراد صفقات مشبوهة لسلع منتهية الصلاحية أو على وشك انتهاء صلاحيتها بأسعار رخيصة فغمرت بها السوق وأضرت البلاد والعباد من أجل التربح الحرام والكسب السريع,وفئة اشتغلت فى أعمال اخرى غير اخلاقية مثل تجارة الجنس لراغبى المتعة الحرام,تلكم الفئات بعدما جنت الاموال الطائلة وأرادت الإستقرار داخل وطنها الأم قامت بعمل غسيل لتلك الأموال المجنية من طرق حرام غير شرعية وغير شريفة ولذلك نطلق على أصحاب تلكم الأعمال أصحاب غسيل الأموال أى أنهم استثمروا تلك الأموال فى أعمال شرعية وقانونية تراها الدولة والمجتمع حلال ولجأت الى عملية التحايل على قانون الأموال العامة للدولة المصرية المعروف باسم من أين لك هذا؟ وذلك لإكسابها الصبغة الحلال والشرعية لكى ينظر اليهم على أنهم أشخاص عصاميين مجتهدين وهم فى الأصل بخلاف ذلك.
- ورأينا أصحاب مهن اشتغلت فى مهن أخرى إرتأت
فى تغيير مجالها الذى امتهنته من تعليم أوممارسة لمهنة ما الى أخرى رأت فيها
النجاح والتربح فمارسته ونجحت فيه وذاع صيتها وهذا ليث بالعيب أو الخطأ والأمثلة
كثيرة فعلى سبيل المثل من عمل فى مجال الفن وهو ضابط جيش أو شرطة وترك عمله
الوظيفى فى الدولة وتفرغ للعمل فى الفن وأبدع فى المجال الفنى,ومنهم من تخرج من الزراعة
أوالطب أو التجارة أو الهندسة وعمل أيضاً فى الفن وأجاد وترك عمله السابق.
-ورأينا من مارس عمل الصحافة وكانت لديه موهبة الكتابة وهو ليس خريج إعلام وصحافة وكذلك من اشتغل فى قطاع الإذعة والتليفزيون وهو ليس اعلامى فى الأصل ولكنه ساقته الظروف ولكن الأدهى من ذلك من أدعى انه مذيع أو إعلامى وعمل فى القنوات الفضائية بعدما كثرت وتملكها رجال أعمال فكان مهمة هؤلاء المداهنة ومسح الجوخ للمسئولين وللنظام الحاكم من خلال برامج المسماة التوك شو عرض أشياء لا تمس لأوجاع ومشاكل المواطنين والشعب وأصبحت قضيتهم رضى الحاكم والمسئول فكانت بئس البطانة فهم أعوان الظلمة إن لم يكونوا الظلمة أنفسهم.
-ورأينا من امتهن مهنة المقاول المعمارى وهو ليس أكاديمى متخصص فى المجال المعمارى ولكنه اكتسب تلك المهنة عن طريق الممارسة والعمل فى ذلك المجال فأصبح لديه الخبرة فطرق ذلك المجال وأصبح لديه شركة للمقاولات وأصبح ناجح فى سوق ومجال المعمار وذلك ليس به بأس وإنما الخطر الكبير إذا لم يعمل وفق الضوابط والإجراءات المتبعة وترك نفسه لهواه فتهاون فى أمانته من أجل التربح والكسب الحرام فهنا تكون المصيبة والكارثة وذلك بسبب غياب الضمير وانعدام الوازع الدينى والأخلاقى وعدم المراقبة من المسئولين المباشرين لتلك الأمور . -إن السعى على الرزق والعمل ليس بالعيب فإمتهان الحرف والمهن هو من أشرف الأعمال وهو دأب الإنسان المجتهد النشيط فى الحياة طالما أن تلكم المهن شريفة وتخدم نفسك ومجتمعك وبلدك,فالأنبياء رضوان الله عليهم كل منهم كانت لديه مهنه وحرفه فمنهم التاجر والحداد والنجار وراعى الأغنام بجانب الرسالة التى أوكلت اليهم من رب العزة وهم لم يورثوا درهم ولا دينار وإنما ورثوا العلم والعلماء ورثة الأنبياء أدركوا ذلك جيداً فقاموا بتعلم العلم فمنهم من لم تساعده الظروف على تعلم حرفه أو مهنه ولكن كثير منهم احترف حرفه يعول بها نفسه وأهله بجانب نشر العلم وتعليم الناس ورضى الله عن سيدنا عمر حينما كان يقول : إني لأرى الرجل فيعجبني ،
فأقول : أله حرفة ؟ فإن قالوا:لا ، سقط من عيني.
فقد كان أيوب السختياني يقول: يا فتيان احترفوا؛ فإني لا آمن عليكم أن تحتاجوا إلى القوم، يعني: الأمراء. و قال جعفر الصادق:الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركنوا إلى السلاطين، فاتهموهم.
وقال سفيان الثوري: إذا لم يكن للعالم حرفة ولا عقار كان شرطيًّا لهؤلاء الظلمة، وإذا لم يكن للجاهل حرفة كان رسولاً للفساق.
وقد كان التحذير الدائم للعلماء من الوقوف على أبواب السلاطين، فلا يأمن العالم من أن يأتي يوم يطوّع فيه علمه خدمة لهوى السلطان فبدلاً من أن يكون العالم موجّهًا ومقوّمًا للسلاطين إذا انحرفوا ومالوا فإنه يكون باحتياجه إليهم عوناً لهم وذراع فى بطشهم وطغيانهم لانه أصبح أداة فى النيل من الرعية لسكوته عن ظلم السلطان نتيجة العطايا والمنح المعطاة اليه فأصبح لا يصدح بالحق. - وفي عصرنا الحديث رأينا من العلماء من اتاه الله العلم حتى بلغت شهرتها الدنيا ووصلت كتبه ومصنفاته الى كل مسلم ومسلمة وذاع صيته فى أرجاء المعمورة إنه الشيخ الألبانى رحمه الله فلقد كان يعمل ساعاتى بجانب اشتغاله بالعلم.
- أما الأن بعد ذلك العرض البسيط الذى قدمناه نختم بشئ عجيب وذلك حدث بعد غياب الدولة ونظامها الحاكم فكانت المعضلة الحقيقية للتعليم وغياب الطلاب وانتشار الدروس الخصوصية وكارثة ما يعرف بالسيبرات ففقدت العملية التعلمية والتربوية مهمتها وأصبحت دون جدوى فى غياب تام لوزارة التعليم ووزيرها الذى يتجمل ويغير الحقائق الى انجازات وهى فى الأصل اخفاقات وفشل وذلك ظل انتشار التعليم الخاص لنظام كل هدفه جنى الأموال فانتشر التعليم الخاص والجامعات الخاصة التى تبيع الشهادات بطرق غير مباشرة فحتى التعليم الحكومى الذى يلتمس فيه المواطن المسكين بقايا العدالة ذهب مع الريح وظهرت فئة جديدة هى شريحة ممن كانت لها أرصدة بسيطة بالدولار فكسبت وتربحت بدون وجه حق بسبب تعويم الجنيه فعلى سبيل المثال كان هنالك أُناس أعرفهم كان لديهم 100الف دولار يضعونها بالدولار وأقارب لهم كان لهم نفس المبلغ بالجنيه أى ما يعادل سبعمائة الف جنيه مصرى وذلك قبل الثورة مباشرة فحدث أن قامت الدولة بتعويم الجنيه لأكثر من ستة مرات فكانت النتيجة أن أصحاب المائة الف دولار أصبحوا يمتلكون الملايين والآخرين المودعين بالجنيه محلك سر فهل هذا عدل ؟! لدولة لا تعرف العدل فظهرت فئة محدثى النعمة الذين يريدوا شراء وجاهة وإنزال أنفسهم منازل الشخصيات العامة أصحاب النفوذ والمال والمعارف, هؤلاء رأيناهم بأم أعيننا فى المناسبات العامة والخاصة يحبون الظهور والمدح والثناء لوضع أحدثه النظام فقلب الأوضاع فرفع أشخاص وأسقط آخرين.
-فقبل ثورة 25 يناير مباشرة كان من شروط التقدم لوظيفة مدير مدرسة فى مرحلة من مراحل التعليم الثلاث شروط منها الدرجة الوظيفية والتى لا يحصل عليها معلم إلا بعد سن متقدمة أى على مشارف الخمسين عام وكذلك المؤهل العالى بالإضافة الى المؤهل التربوى مع تقارير الكفاءة بدرجة اخر عامين إمتياز كل ذلك ذهب مع الريح عندما رأينا ادارى خريج دبلوم صناعى ممن اخذوا سنتين بعد الدبلوم ويعمل معلم نشاط صناعى ليتقدم لوظيفة مدير مدرسة ثانوى والمصيبة أنه كان يعمل حلاق فى إحدى الدول العربية لمدة عشرين عاماً ثم بعد ما جاء الى بلده وهذا حقه واختلط الحابل بالنابل تقدم بالمحسوبية والوساطة والهدايا من أجل كرسى المدير فأين أنت يا وزير البامية فى بلد الكوسة بقت بامية والبامية بقت كوسة والشعب تايه ودخلنا الخلاط وبقينا كوكتيل فلكِ الله يا مصر ولشعبك المسكين فاللهم ولى علينا خيارنا ولا تولى علينا شرارنا وهيئ لنا من يقود أمرنا الى ما فيه خير البلاد والعباد.!